دروس عن العظماء لأبناء مصر .


يشاهد الإنسانُ عندما يسير في شوارعِ مدنٍ مثل باريس وروما ولندن ومدريد (وغيرهم) مئات التماثيل في الميادين والشوارع لرموزِ هذه الشعوبِ في سائرِ المجالاتِ السياسيةِ والفكريةِ والأدبيةِ والفنيةِ والإقتصاديةِ . وكان أحدُ أكبر كتّاب القرن التاسع عشر وهو توماس كارليل يقول أن إهتمامَ أَية أُمةٍ برموزها يخلقُ مُناخاً عاماً يتسم بالسماتِ التالية: يكون فيه الناشئةُ من جهةٍ أمام نماذج يحتذوها فتتولد في نفوسهم أشكالُ الطموحِ الإيجابي .. كذلك يعتاد المواطنُ على توقيرِ رموزِ وطنِه وإحترامهم وإجلالهم وتوقيرهم على خلافِ الشائع في مجتمعاتٍ أُخرى عندما لا يسمع المواطنُ إلاِّ الإنتقادات والإتهامات لرموزِ الوطن . وكان كاتبُ مصرَ الكبير "عباس العقاد" يقول أن الشعبَ الذي لا يعتاد على توقيرِ رموزِ الأُمة يصعب أن يكون له حظ من النجاحِ أو التقدمِ: إذ تسود فيه قيمٌ هدّامةٌ في مقابلِ القيمِ البناءةِ العظيمةِ التي تنبثقُ من إجلالِ وتوقيرِ رموزِ الوطن .

وأحد أهم أدوات إبراز رموز الوطن وإشاعة روح التوقير والإجلال لهم تتأتى بإقامةِ التماثيل لرموزِ الوطن وجعلها قائمة في العديدِ من المواقع .

وعندما يسير الإنسانُ في شوارع وميادين القاهرة والإسكندرية ومعظم المدن المصرية يجدها شبه خالية من التماثيل التي كان يمكن أن تقف شاهدةً على عظمةِ الوطن مُمثلاً في رموزِه .

وأعتقد أن وزارةَ الثقافة المصرية يمكنها أن تتصدى لمشروعِ إقامةِ نحو خمسين تمثالاً لرموزٍ مصرية ثم تنتج أكثرَ من نسخةٍ من كل تمثال بحيث نضمن ما يلي : وجود التماثيل كلها في القاهرة وكذلك وجود التماثيل كلها في الإسكندرية ثم وجود أعدادٍ منها في سائرِ عواصم المحافظات .

وأعلمُ يقيناً أن مشروعاً كهذا لا يمكن أن يتم بدون أن تتبناه القيادة السياسية حيث أن البيروقراطية المصرية تفتقدُ من جهة القدرة على المبادرة ، وتحسبُ من جهةٍ أخرى حسابات تتعلق بتوقعاتها عما قد يُرضي وما قد لا يُرضي القيادة السياسية – رغم أن القيادة السياسية الحالية قد ضربت المثل بعدمِ تعرضها لأي رمزٍ من رموز الوطن بالتجريح أو الإساءة ولم تدخل في حروبٍ كلامية مع أي رمزٍ من رموز هذا الوطن/ الأمة .

لذلك فإنني أعتقد أنه سيكون من أعظمِ مشروعاتِ العهدِ الثقافيةِ (وذات الإنعكاسات العظيمة على المجتمع والشباب) تكليف وزارة الثقافة بعمل قرابة خمسين تمثالاً للشخصيات التي سأقترحُها فيما يلي دون النظر لأَية إعتبارات مذهبية إذ أن كلَ واحدٍ أو واحدة من هؤلاء الخمسين هو رمز من رموز هذا الوطن بصرف النظر عن إتفاق أو إختلاف البعض معه .

وتشمل القائمة التي أقترحُها : السيد عمر مكرم/ محمد كُريم/ محمد علي/ الخديوي إسماعيل/ أحمد عرابي/ مصطفى كامل/ محمد فريد/ سعد زغلول/ مصطفى النحاس/ محمد نجيب/ جمال عبد الناصر/ أنور السادات/ عبد الله النديم/ قاسم أمين/ محمد عبده/ أحمد لطفي السيد/ أحمد شوقي/ حافظ إبراهيم/ صفية زغلول/ هدى شعراوي/ طه حسين/ عباس العقاد/ سلامة موسى/ سيد درويش/ أحمد أمين/ توفيق الحكيم/ زكي مبارك/ بيرم التونسي/ يحيى حقي/ أم كلثوم/ محمد عبد الوهاب/ فريد الأطرش/ نجيب محفوظ/ يوسف وهبي/ عبد الرحمن الرافعي/ يوسف إدريس/ عبد الحليم حافظ/ لويس عوض/ الفريق عبد المنعم رياض/ المشير أحمد إسماعيل .

وأعتقدُ أن التاريخ سيقفُ بإحترامٍ مُضاعف للحقبة التي تبنت ونفذت هذا المشروع الذي لا أشك في عظيمِ فائدته على المجتمعِ ككلٍ وعلى الشبابِ بوجهٍ خاصٍ .

ان خلو مياديننا العامة من تماثيل رموز هذا الوطن / الأمة وشغله أحياناً بنوافير مياة لا علاقة لها بالذوق والفن الرفيعين تضني قلب كل محب هذا الوطن / الأمة (وأنا لا أعني هنا "الوطن و الأمة" وإنما أعني "الوطن/ الأمة" فأنا لا أعرف أمة أنتمي إليها قبل أي شئ آخر إلاَّ "الأمة المصرية" وكل شئ آخر يأتي في مرتبة تالية).